9
2013
احتفال باللغة العربية-18 كانون الأوّل
الاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول من كل عام!
عيد آخر يشهد على حاجتنا المستميتة لنتوحّد حول مصطلح أو رمز أو هويّة…
أين نحن من لغتنا؟ وأين لغتنا منّا في زمن العولمة وسيطرة الصّورة وانتشار ثقافة الاستهلاك والأقرب والأسرع والأسهل؟!
أين نحن من لغتنا؟ وأين لغتنا منّا وهي تنهار بشكل يوميّ أمام لغة وسائل الإعلام والانترنت وتدافع العرب بعامّة، واللبنانيين بخاصّة إلى استخدام اللغة الانكليزية في حياتهم اليوميّة بشكل متزايد، والاستغراق في استخدام محكياتهم في غرف الدردشة بالحروف اللاتينية، مستخدمين رموزًا وأرقامًا بديلة للأصوات العربيّة؟!
أين نحن من لغتنا؟ وأين لغتنا منّا ونحن في كل يوم نشهد بُعد أولادنا عمّا نكتبه لهم، وميلهم إلى اقتراض مصطلحات جديدة من لغات أجنبية يستخدمونها في كلّ ما يتعلق بالمأكل والملبس والهوايات ووسائل التسلية والمجلات والأجهزة التّقنية والموضة والبيئات الجامعية، وإلى تعريب أخرى وفق الصّيغ والقواعد العربيّة مع نقلها بلفظها الأجنبيّ… (مستكلي، وفكسلي، ومسجلي…)؟! ومجامعنا اللغويّة شبه غائبة أو دائمة التأخّر …
أين نحن من لغتنا؟ وأين لغتنا منّا ونحن، ومن خلال نظرتنا التّوصيفيّة السّابقة لواقعها، نرى أنّها باتت لغة حصص القراءة، وحصص المطالعة، على نُدرتها، وكتب التّاريخ… بل أكثر من ذلك باتت عنوانًا حضاريًّا لزمن انتشار مقولة:” ما فائدتها؟ وأين سأستخدمها؟” …
أين نحن من لغتنا؟ وأين لغتنا منّا، ونحن نتخبّط في اشتقاق لفظيّ لا ضابط له، فيتجلّى التّشرذم اللّغوي بشكل واضح عند معاينة الاشتقاقات اللغوية التي أفرزتها ثورة المعلومات وفوضويتها!
لا بدّ أن نتوقف عند هذه التّساؤلات، ونبحث في دلالات ذلك كلّه، ولا بدّ أن نسأل جميعنا، كلّ واحد من موقعه: ما هي الحلول لنمنع أنفسنا من الانحدار أكثر نحو نسيان أكبر لأصالتنا، ولدورنا الفاعل في بناء مستقبل لغتنا -هويّتنا؟! كيف نتوقّف عن النّكران الذي نعلنه يوميًّا بعناوين عدّة: مرّة باسم التّمدّن، ومرّة باسم التّسارع التّكنولوجيّ، ومرّة أخرى بنسب القصور إلى لغة يزيد عدد متكلّميها عن ثلاثمئة وثلاث وثلاثين مليون نسمة، وعدد مفرداتها عن ….وتحمل في طيّاتها ما يزيد ويزيد…
نحن بحاجة لبذل هذا الجهد لنواجه انهيار “فصحانا”، ومنعها من الاستسلام أمام تحديّات العصر، واجتياح أدواته لمفاهيمنا ومبادئنا ولغتنا بشكلٍ سافر. فالمشكلة تكمُن في طريقة تعاملنا مع هذه اللغة، وبكيفيّة ابتداع طرق أخرى تستمد حياتها من العصر وامكانياته لنحقّق خطوة في طريق الألف ميل..
وهنا، تفرض مجموعة جديدة من الأسئلة نفسها:
لم لا نسخّر هذه الأدوات لنقرّبها من “فصحانا” وتقترب منها؟
لم لا تعمد الجهات المختصّة إلى دعم مشاريع تسعى إلى اعتماد التكنولوجيا وأدواتها لتفعيل اللغة العربيّة وطرق تدريسها، وتحديث معاجمها المختلفة، بحسب الاختصاصات، عبر الانترنت وامكانياتها اللامحدودة، من أجل ترسيخ هذه اللغة بمثابة خيار أوّل يلجأ المستخدم العربي إليه، فتكون بذلك لغة مواقع أدبيّة وتعليميّة منافسة لمواقع مماثلة عالميّة؟!
نحن فعلاً بحاجة إلى أن نخرج لغتنا من قيود التّقهقر، وتغيير وجهة حركتها تمامًا من الماضي إلى المستقبل،كما نحن بحاجة إلى إخراج الجزء الأكبر من مواقعنا الالكترونية العربيّة من بحر السّطحية والفراغ والمحدوديّة لتكون بديلاً جاهزًا، يومًا ما، يحلّ محل الكتاب الورقيّ بما فيه من ثِقَل وفائدة، وتكون أداةً ناقلةً لتراثنا وحضارتنا ولغتنا المعبّرة تمامًا عن أحزاننا وأفراحنا وهمومنا وعلومنا…
مهى جرجور 8-12-2012