27
2015
الكيان المتأله – قراءة في المعلقة الرابعة للدكتور ديزيره سقال
27
2015
كلمة د. ربا سابا حبيب- 22 ايار 2015
ايها الحفل الكريم، حضرة المدير، أيتها الكلية الحبيبة
دعتني صديقتي د. مهى جرجور كي أشارك في هذا اللقاء، كي أنقد على حسب ما أعتقد او أعتقد، نعرف أن النقد يمر بمراحل من الوصف والتفسير والتقييم ثم التنظير حول فلسفة العمل بغرض إضافة على النص وتبيان تفاعلنا مع ماهية العمل ووظيفته. نص لم نعد صغارًا يدخل في حقل التجربة مع إرادة مذهلة عند د. مهى نحو التجدد وتوظيف النص في خدمة الطاب المراهق. في هذا المعنى، يأتي نصها مستقبليًّا في عملية عشق الآتي…
هذا النص كائن لغوي يشهد على حضور التجربة الحقة فيه. يبدو لي أن لذة النص في الممارسة وعلاقة الطالب المراهق بالمحيط أهمية حين هذا الأخير يقدم ثنائيات القمع والردع. والأزمة تبدأ حين يبادر المراهق بالقطيعة والانعزال عن حركة الحياة والتاريخ ، وهذا ما يشكل قيمة الدال الفاخر في نظرة الألسنية. تأتي د. مهى جرجور لتضفي قيمة على هذا الدال.
إذًا، يرتسم في نصها جانبان. جانب موافق لمبادئ تحددها المدرسة والاستعمال الجيد والأدب والثقافة المعاصرة. وجانب آخر متحرك مستعد أن يأخذ أي دائرة من الدوائر.
ولهذه الثقافة خصوصية تتسم بالعقلانية الفردية، الإنسان فرد ومجتمع في آن . وهذا المراهق مطارد للحقيقة التي لها صورة خاصة في خياله، ومع د. جرجور تصل هذه الفردية الى وضوح وهو الذي أسماه ديكارت بالذوق السليم. حين تستعين بكل مقومات المجتمع التقنية والسيكولوجية الواضحة في تناغم كامل وتعاضد تام ما بين القوى الإدراكية عند المراهق كالحب، والتواصل مع العائلة الآخر المحب والآخر العدو ومع القوى الأخرى. … المعرفة عندها تغدو ذات لون أخلاقي فتظهر ارادة كيف ان الإنسان غير مسؤول عن الموضوع لكن عن كل العلاقات التي ترتبط بالموضوع. يغدو الموضوع ربطا مباشرًا….
وفي لم نعد صغارا المجموعة الثانية أرى أن د. مهى تسعى الى إنشاء حوار استفهامي حول مسائل وجودية من بينها المراهق تتعلق في وظيفة الكتابة في عملية تحويل الاشياء من محاولة لاستبدال الخيبة بعالم آخر هو عالم النجاح. فهي لا تدع المراهق هائما وشريدًا بل تحتويه وتجسد له عالما بلغته بديلة ، لغة العصر، لغة التكنولوجيا، رموز العصر الجديدة في حيوية واضحة وكفاءة عالية. على المستوى السيكولوجي ترمي هذه النصوص إلى فتح طرق أمام المراهق يتدرب بواسطتها على فتح الممعابر ، منهج كي يعرف بطريقة يدرأ بها أخطار المجتمع، ويعالة بها على مشكلاته الخاصة. يندرج عندها النص من توصيف الواقع الى شخصية بواسطة التناقضات : كبار –صغار، خير –شر، كلمات سيئة/ كلمات جيدة. يتدرج النص من الوضع الاول مرورا بالازمة المضطربة الى الوضع النهائي وهذا ما يبعد كتابة د. مهى عن كتابات شارل بيرو ، فهي تتخطى المعضلات بين أفراد الأسرة أو المدرسة … فيختلف نصها عن القصة العادية بانفتاحه على فلسفة الحياة المعاصرة.
تساءلت في البداية عن الثقافة ؟ ومعانيها كثيرة ، ألتقط منها بعض المعاني التي تخدم نظريتي في نتاج د. مهى:
1- هي التعرف المتميز للعلوم الإنسانية، وهذا يعرف أيضا بثقافة عالية المستوى.
2- نمط متكامل من المعرفة الاجتماعية والاعتقاد والسلوك الذي يعتمد على قدرة على التفكير الرمزي والتعلم الاجتماعي.
3- مجموعة من الاتجاهات المشتركة ومن القيم والاهداف والممارسات التي تميز منظمة أو مؤسسة أو جماعة وهذه هي التثقافة المعاصرة التي تهدف الى تحسين المستوى كما هي الحال في الزراعة. هنا، اشارت الى عملية تحسين ، وتعليم المهارات الفردية والإنسانية ولاسيما من خلال التدرب والتعلم بغية تحقيق رجاء أو هناء في المجتمع على مستوى القيم العليا كالتصالح مع الذات والآخر ..د. مهى تعمل وتزرع جاهدة لتحسين مجتمعها، وتسعى الى عقلنة المجتمع بعيدا عن الغيبيات ، تنحو بالقصة الى الإنسان المركب من روح وجسد أي الإنسان الموجود بين أهله وخلّانه.
قبل أن أنهي مداخلتي، لا بدّ لي من أن أتوقف عند ملاحظة هامة تناولتها د. مهى بذكاء ومعرفة بهواجس وحساسية المراهق ألا وهي الرصانة وملكة الصبر والأناة في كيفية التعامل مع المراهق. أود أن أهنئها على ابتعادها عن الوعظ الذي هو الوسيلة الأسهل حين يكون الآخر أمامنا مراهقًا ، فهي تعتمد ، عوضًا عن ذلك، الوسائل التعليمية الصريحة دون تنظير ومبالغة في التقييم، فحين يتوق الآخرون الى التضخيم والتعظيم في كتاباتهم تنصاع هي لمتطلبات التفكير التعليمي والتربية الصحيحة . وأخيرًا، د. مهى يتبدى لي أنك تسعين الى ترسيخ خطة تربوية في مجابهة الغبن اللاحق لدور اللغة العربية أمام الطلاب ، لهذا، تحشدين الطاقات في سبيل التنشئة الصحيحة ضد هذا الركود المذل، وأنت لا تسلمين طلاب لبنان للهلاك. بمثل همتك يرقى المراهق من الواقع المسطّح الى تخطٍ سباق، يتألّق فيه إنسانًا مشرقًا ضد القهر الذي لا يستكين.
27
2015
كلمة مدير كلية الآداب والعلوم الإنسانية –الفرع الثاني د. طوني الحاج – 22 ايار 2015
ايها الاصدقاء
يطيب لي في هذا اللقاء أن أتقدم بالتهنئة من الدكتورة مهى جرجور، على كل العطاءات العلمية والثقافية وعلى كتابات تدخل حقل “الكتابات المعرفية” وهي الذاكرة والرغبة في الكتابة، قراءة في شعر محمود درويش ودخلت في التجربة، وطفلي ماذا أقرأ له؟ و لم نعد صغارًا في مجموعته الأولى، واليوم نحتفل معك بهذا الإصدار الثاني لمجموعتك الثانية من ” لم نعد صغارًا.”
أتقدم منك ومن عائلتك ومن قريبي سمير الحاج وأهلك الذين يشرفنا وجودهم اليوم، الوالدة والأخوة جميعًا والأقارب بأسمى آيات التحية.
لقد استطعت أيتها د. مهى جرجور أن تحجزي لك مكانةً مهمّة في عالم الفكر والمعرفة، كذلك في الحياة الجامعية، واليوم غدوت رئيسة لقسم اللغة العربية، عقبى لمناصب أعلى وأعلى.
قرأت كتابك فشدتني صفحاته وعباراته، وتخيلت نفسي أعود لسنوات وسنوات الى الوراء ، إلى ذلك العمر الذي تكتبين له، فأراني أستعير عدسة فنان يهوى التقاط الصور الجميلة عن عالم يعيش فيه. الصورة الأولى، الحكم الصريح على كاتبة ذكية تتمتع بهذا الكم الطيب من المعارف والخبرات، حيث نعلن منذ البدء أنه لا يمكن لأي كان أن يكتب عن عمر المراهقة هذا دون أن يكون قد عاشه فترة عبر مروره به. عالم المراهقة هذا غريب في مفاعيله ، صعب في محاولة تبادل الآراء معه. لقد قلت في ندوة سابقة وهي “قبول الآخر”، إنما أكبر مشكلة نواجهها في عصرنا هذا هي مشكلة الاصغاء، حيث إننا لا نصغي ولا نسمع ، هذا بشكل عام، أما مع اطفالنا ومع عالم المراهقة، نجد أن المشكلة مضاعفة، إنه عالم يطلب منك ، أنت الأكبر سنًا أن تصغي وتصغي إلى ما لا نهاية. الإصغاء يا أصدقائي هو السبيل الأول للتقارب مع عالم الشباب هذا. ثم يأتيك الأمر الثاني، وهو يقارب الأول أهمية، أي أن نحب هذا العالم ، أن نحب هؤلاء الشباب، أن نحب أبناءنا في عمر المراهقة،
ثم أن نفهم هذا العالم ونععطيه النصائح. وهنا ، تكمن الخطورة في عملية التبادل:
مهى جرجور، في كتابك ماذا فعلت؟
أولاً أصغيت إلى سعيد، هذا الشاب الذي صار عصبيًّا… لم يكن كذلك في السابق، أو ربما كان ، ولكن ليس إلى هذه الدرجة من العصبية” . إصغاؤك الى سعيد جعلك تعرفين أنه يمر بمشكلة بحاجة إلى قلب كبير ، إلى قلب أم أو حبيبة تسمع شكواه.
أصغيت الى ساره، الشخصية الثانية في قصتك، فعرفت أن ساره هي الأخرى بحاجة الى رفيق يمكّنها من أن تسند وجنتها المصنوعة من خدود الورد وشذى الياسمين، أن تسندها الى مخدتها مساء تجعل الطير الساكن داخلها يحلق إلى أعلى السحاب في رحلة الأحلام قرب حبيب مفترض.
ثم انتقلت الى مكان آخر في رحلتك مع أبطالك، فأظهرت هذا الحب الكبير وتقرّبت من عالمهم عبر ارتداءك لباس الأم حيث تقولين:” شعرت منال بحيرة ابنتها، وذكرتها بنفسها في أول موعد لها، واليوم تخشى منال على ابنتها…” كنت كاتبة القصة ولكنك كنت تعيشين عالم حقيقة مصنوع من خيال، أحببت أبطالك. كما يظهر في قولك:” لم اسميتني سعيدا يا أماه، فأجابته بحنان وتلقائية: لأنّ يوم ولادتك كان أسعد يوم في حياتي.”
أما جاد ، وهو شخصية جديدة في قصتك، لقد تناولت حكايته من خلال قلبك لا من خلال قلمك وحسب. وبالرغم من كل مشاكله إلا أنك أسدلت عليه رداء محبة يعبق منه شذى ياسمين العاطفة.
الصورة الثالثة التي حصلتها عدستي عبر ترحالي مع أبطالك فهي الأكثر خطورة والأصعب تطبيقًا في عالمنا ألا وهو فهم عالم المراهقة وإبداء النصائح له. ايها الأصدقاء، كل واحد منا خبر المراهقة، أو تعاطى مع مراهقين، هم أولاده أو طلبة مدارسه، أو أبناء حيه أو مجتمعه. ويعرف أن كيفية إسداء النصائح لجيل متمرد أصلا، والولوج الى داخله هو ما عاشته كاتبتنا بأسلوب رشيق وذكاء حاد وحرفية عالية.
صورة الفتاة ساره وهي تجلس في مقعد وثير تشاهد صور الفيلم الذي ما رغبت أن تشاهده، ولن ترغب أي أم، اليوم، أن تجعل فتاتها المراهقة تشاهده . هنا، جدلية معرفية نعترف لك بالنجاح في معالجتها.
أما عن الحلول التي ابتكرتها كاتبتنا فهي حلول تنبع من واقع الحياة، ومن حقيقة فلسفية أو قل حقيقة يعترف بها علم النفس الحديث ألا وهي خلق جو من النجاح أو الابتكار لكل مراهق ظن في قرارة نفسه أن الفشل يرافقه مسيرته. نحن نعرف، أيها السادة، أن معظم شبابنا وشاباتنا يواجهون صراعًا مستمرًّا بسبب محاولاتهم في اثبات الوجود ونتجاهل الآخرين لهم. فكم صُدم مراهق أو مراهقة من أهله دون أن يقصدوا ذلك، أو من رفاقه ومحبيه الذين قد يتجاهلون وجوده أو ابتكاره أو نجاحاته دون قصد منهم في غالب الأحيان.
هنا، عرفت الكاتبة هذه الحقيقة، وعملت بشكل واضح عليها، لا بل أنها سلطت الضوء في إجابتها عن سؤال طرحته الأم: “ماذا أفعل كي اعيد ابني الذي ربيته أن يعود إليّ؟” فابتكرت لها الحل، وهو في حقيقة الامر، يسري على كل مفاصل حياة شبابنا ، فأخذت بيد سعيد، وهو بطل من أبطال قصتها، وجعلته يفتش عن ابتكار مهم يجعل رفاقه وحبيبته وأهله ينظرون إليه نظرة اعجاب وتقدير هي كفيلة وحدها بارجاعه الى حضن الأسرة ومسيرة الحياة بسلام وهدوء، فجعلته يبتكر رسما سوف يؤهله لنيل الجائزة الأولى في الرسم ويلمع اسمه بين المبدعين.
” أريد أن أنجح ، ان أبدل صورة الناس عني ، ولكن كيف ذلك؟”. قولوا لي أيها الاصدقاء، أليس هذا السؤال يطرح في كل يوم وساعة من قبل ملايين الشباب؟ و” بكل ثقة وحزم نشر رسمه عبر حسابه على الفيسبوك”، وهكذا يتابع سعيد نجاحاته ليغدو حديث الكل، ويجعل الإبداع رسالة يحررها كل يوم.
لم تنس الكاتبة أي بطل من ابطال قصتها، فخلقت لكل منهم مجال تعبير، لا بل مجال ابتكار يؤهل كل واحد أن يحتل مقعدًا في رحلة الحياة لأنها عرفت أن سبيل الإبداع وحده هو ما يشد الاهل والرفاق ونظرات الاعجاب والتقدير، التي هي كفيلة بأن تحول مسار ومصير انسان كان يتجه نحو الفشل إلى النجاح والرضى والسلام.
أيها الأصدقاء،
لا أريد ، لا أعجب أحدًا!، ليس تحديًّا فعل رفض في لاءات ثلاث حولتها الكاتبة إلى جدل بين عالم وعوالم تتناقض معه في معارف الحياة وسبل تعرجها، تناقض لو استمر دون حل، لكانت مشكلة الاصغاء التي تحدثنا عنها ، وبالتالي، مشكلة الحب، وبعدها مرحلة الفهم والنصح لكانت كل هذه القيم بقيت دون معنى، وكانت مجرد وصف وتكرار لمشاكل الحياة، إلا أن الكاتبة استطاعت أن تخلق سلام الأمل وأنشودة الفرح مع جيل يطلب الكثير. شكرا لك، وتمنياتي دائما ان أرى ابداعًا منك مستمرًّا وعطاء متزايدًا.
25
2015
كلمة الدّكتورة مهى جرجور
أيها الحفل الكريم
ها نحن هنا، في هذا اليوم المبارك، ومن على منبر الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني الجامعة التي نعتزّ بها ونفتخر بانتمائنا إليها، نجتمع حول مجموعة قصصية للمراهقين في زمن التكنولوجيا والبعد عن الكتاب، وزمن انقلاب المقاييس وسيطرة العنف على تفاصيل يومياتنا الجريحة، في هذا الزمن العصيب، استطاعت المجموعة الأولى من سلسلة لم نعد صغارًا التي أصدرتها عام 2012، أن تكون على لوائح كتب عدد كبير من المدارس في لبنان( الراهبات الانطونيات- رميش، ويسوع ومريم الرابية، والمركزية جونيه، والقلبين الأقدسين في السيوفي وبكفيا وبيت شباب والحدث، ومغدوشة… والأي سي عين عار.. والحكمة جديدة، وبرومانا هاي سكول …. وسان فرنسوا في الحمرا، وفرير ماريست جبيل، والاليزيه بعبدا…. ووصلت إلى مدرسة عرسال الحديثة، ومدرسة العباسية في الجنوب، وغيرها. وهذا ما شجعني على كتابة المجموعة الثانية منها، وأن اسير في مشروع السلسلة وأن استمر في كتابة مجموعة قصصية تسير عكس التيار العنيف السائد، تؤسس للتفكير الإيجابي ، هدفها شباب المستقبل بناة الغد، الغد الذي نطمح في أن نكون مشاركين في صناعته، أن نشكله بطريقة تتناسب مع طموحاتنا في حياة يقلّ فيها التوتر والقلق ، وتنفتح على الآخر، وتُبنى على التواصل .
من هذا التوق إلى اللقاء: لقاء الأحبة، لقاء الأبناء، لقاء الطلاب إنطلقت في مسيرتي الأدبية، كتبت وأنا الآتية من تلك الأرض، من رميش التي تختال مزهوة بما حباها الله من جمال وسكينة، ومزهوة بأهلها الساعين أبدًا إلى التلاقي حول كلمة، أو مفهوم، أو رؤية.
إنطلقت في كتاباتي من ذلك السعي إلى بناء جسور التواصل بين الأجيال، ليقرأ الجميع بلغة عربية سلسة سهلة قصصًا تجيب عن هواجسهم، عن اسئلة تراودهم، تقودهم بأمان إلى عالم النضج. تساعدهم على النظر إلى الكتاب العربي نظرة مختلفة، معنونة بعناوين العصر، ترتبط بحياتهم، وتجذبهم إلى قراءة آمنة وتقوي انتماءهم الى لغتهم، إلى هويتهم الأصيلة. شعارها: كتابي يشبهني، يعبر عني ….
الأصدقاء الأعزاء ،
اسمحوا لي أن أقدم شكري العميق للأساتذة المنتدين الذين أضافوا بقراءاتهم النقدية إلى مجموعتي القصصية الثانية قيمةً ورفعة وحضور. وها أنذا أساتذتي، أشكر عطاءكم ، ومحبتكم . وأنحني أمام إبداعاتكم في مختلف الميادين:
شكرا د. ربا شاعرة راقية جامحة الخيال غزيرة الصور،
شكرا د. هدى وأنت السباقة في مجال دراسة المسرحين العربي والعالمي وذواقة للقصة والشعر.
شكرا د. طوني، أستاذ في التعامل مع الآخر، جامع الاضداد، وجامع القلوب ، وهذا ما برز بامتياز في الرابع عشر من الشهر الجاري، في احتفال يوم الفرع، في يوم الفرح. كما أطلقت عليه.
شكرا د. ناتالي ، وأنت متعددة المواهب ، والمتميزة في عالم الأدب، والخبيرة في نشر البسمة أينما حللت.
وشكرا د. جوزيف على مبادرتك الشعرية التي أضافت إلى هذا الحفل رونقًا خاصًا حلمي الطابَع…
أساتذتي …د. نبيل أيوب الذي تدرجت على يده طالبة على مدى سنوات في الماستر والدكتوراه ثم أستاذة في الجامعة اللبنانية ، وباحثة وكاتبة
الجامعة اللبنانية بفرعيها الأول والثاني، برؤساء أقسامها وأساتذتها وموظفيها وهيئاتها الطلابية
مديرة متوسطة المحيدثة الرسمية السيدة أنطوانيت جبران وأساتذتها الأحباء… الذين عملت معهم ردحًا من الزمن خبرنا خلالها لحظات لا تنسى،
موقع تواصل أونلاين ، ومؤسسيه الأستاذ باتريك رزق الله، والأستاذ سمير إيليا،
وتجمع أساتذة اللغة العربية ، وأعضاءه مجتمعين …
أساتذة المدارس اللبنانية ومنسقي دروس العربية فيها…
أبناء ضيعتي ورئيس بلديتها الأستاذ رشيد الحاج، أساتذة مدارسها وطلابَها، الأهل والأحباء،
اشكر دعمكم ، وأشكر حضوركم، والمشوار طويل، أعرف، (ثلاث ساعات وأكثر) لكنّ المسافات لم تكن يومًا عائقًا أمام طموح ابناء رميش وبناتها، وهم البناؤون والمدرسون والأطباء والمهندسون وأساتذة الجامعات… وهم المتعلقون بالآخر وبالجذور وبالوطن.
أيها الكرام، أتيتم بخطوات واثقة وهدارة تعلّم العصامية والمثابرة وتحث على النجاح ، أشكر حضوركم فردًا فردًا، وأدعوكم إلى متابعة الاحتفال … ولنشرب نخب المناسبة … على أمل ان نلتقي حول كتاب جديد في موعد جديد ، حول قصة إبداع أخرى…
شكرا
تفضلوا.
25
2015
كلمة الدّكتورة هدى بو فرحات
كلمة د. هدى بو فرحات – أستاذة في الجامعة اللبنانية حول كتاب لم نعد صغارًا المجموعة الثانية.
الحجرُ الذي رذَلَهُ البنّاؤون صار رأس الزاوية، والجنوب الذي رَذَلَهُ بنّاؤو لبنان صار من قلاع لبنان العاصية.
من بيتٍ صامدٍ في الجنوب في حضنِ السهلِ وظلالِ التلال
مِنْ كَرَمِ الزيتون ونشوةِ العنب ونفحاتِ الصعترِ والسُمّاق
هناك، لا بدّ أن يكونَ الرجالُ قلاعًا والنساءُ حدائقَ والأطفالُ ورودًا وأشبالاً
من قلب هذه الجنّة أتتنا صاحبةُ الكتاب، الدكتورة مهى جرجور.
أتتنا على جَناح غيمةِ ربيع، يدفعُها طموحُها إلى ارتشافِ العِلمِ من مناهلِهِ، في الجامعة الأمّ، الجامعة اللبنانيّة، وقد صَقلَت شخصيّتَها مهنةُ التعليمِ القاسية المِعطاء، تبذُلُ ولا تبخُل، تُعطي ولا تسأل، تعلو ولا تسفُل، حتّى إذا اكتنزَت من الآدابِ والعلوم الإنسانيّة، انصرفت إلى التعليمِ العالي وإلى أنبلِ المِهن في الأمم المتحضّرة عنيتُ الكتابةَ والإبداع.
ويجمعُنا اليوم حولَ الدكتورة مهى جرجور، خيرُ جامِعٍ، وأمتعُ ماتِعٍ، أعني كتابَها الجديد، وهو المجموعةُ الثانية من سلسلة “لم نعُدْ صِغارًا”. انحنت فيه على عمرِ المراهقة، وتغلغلَت في معارِجِها حتّى أقصاها، لمسَت همومَ المراهقِ وثورتَه وجراحَهُ وعطشَهُ إلى المحبّةِ والحوارِ وكسبِ الاعتبار، ومسحت بيدِ الحنان، وهي الأمّ، على جبينِه حتّى يَشمَخَ ويكتسبَ صلابةً لأنّه رُكنُ الوطنِ الطالعِ من رحمِ الآلام، ورجلُ الغدِ الذي يَطيبُ لنا أن نجعلَهُ زهوةَ لبنان.
” لا أريد” ، ” لا أُعْجِبُ أحدًا”، ” ليس تحديًّا” عناوين لها مدلولاتُها، فالعنوانُ هو العلامةُ الحسيّةُ الأولى في النصّ، وقد شاءت المؤلّفة العناوينَ نفيًا ورفضًا انسجامًا مع روحِ المراهقِ القائمةِ على الرفضِ والثورةِ والتحدّي.
تدورُ معظمُ الاحداثِ في الكتاب، في غرفِ المراهقين الموصَدة، وغرفِ الصفِّ في المدرسة، وغرفةِ المستشفى، وصالةِ السينما…، أمكنةٌ مُغلَقةٌ ترشحُ من جدرانِها علاماتٌ سيميائيّة تُفرِزُها المُراهَقةٌ المنغلِقة على ذاتِها. وفي نفْسِ الكاتبة حنينٌ إلى عهدٍ مضى، حين تَخطُرُ على بال الأهل أيّامُ الصِبا. نذكر على سبيلِ المثال: منال الأمّ تتذكّر نفسَها طفلةً بريئةً تركض بعفويّة في الحقول، وعادت بها السنونُ إلى ما أحبّت أن تسميَّها المرحلة الذهبيّة.
إنّها قصصٌ واقعيّة، بدون ابتذال، هادفة، بدون وعظ. تروي فيها المؤلّفة مشاكلَ المراهقين المتشابهة في مضمونها، وإن اختلفت بالتفاصيل. والترسيمة العامليّة للشخصيّات تكاد تكون نفسَها: فالعاملُ /المُرسِل هو إثبات الهويّةِ الشخصيّة، والعاملُ /المرسَل إليه هو المُراهق، والعاملُ /الذات هو أيضًا المراهِق، أمّا العاملُ/الموضوع فمختلف وهُنا يكمُنُ التشويق: أوّلاً في “لا أريد”: خالِف تُعرَف، ثانيًا في “لا أُعْجِبُ أحدًا”: إثارةُ الإعجاب، وثالثًا في ” ليس تحديًّا”: التخلّص من سلطةِ الوالدين. والعاملُ/ المعاكس هم الأهل وبعضُ الرفاق، والعاملُ/ المساعِد: هو صديقٌ أو صديقة.
أمّا الرؤيا فهي وجوبُ الحِوار. فأوّلاً: يختزنُ المراهقُ في أحشائِه العنفَ والثورةَ والتحدّي، كما يختزنُ بذورَ الأدبِ والفنِّ والإبداع. فلماذا لا يشجّعُ الأهل والأساتذة المراهقين على التعبيرِ عن هذه الطاقاتِ الإيجابيّة كما حصل في كتاب “لم نعُد صغارًا”؟ وثانيًا :الحوارُ يُخرِجُ المراهقَ من عُزلَتِه، ويُكسبُهُ الثقةَ بالنفس وبالآخرين. والحوارُ يُسَفِّهُ التمرّدَ والعنف، والحوارُ يُحطّمُ الحواجزَ بين البشر ويدعو إلى الاعترافِ بالآخر على رُغم الاختلاف.
وأخيرًا كلمة في اللغة: من الصعب جدًّا على الكتّاب أن يَلجموا قرائحَهم الشاردة في العُمقِ أو في العلوّ حتّى يطالَهم تفكيرُ المراهق ووجدانُه في لغةٍ سهلةٍ وعميقة في آنٍ معًا! فإنّ الدكتورة مهى جرجور اجترحت أعجوبةً حينَ لَجَمَت قلمَها عن الإسفافِ من ناحيةٍ وعن الاستعلاءِ من ناحيةٍ أخرى، وتوسّلت في الكتابةِ لغةً لا تهبُطُ حتّى الإسفاف ولا تتعالى حتّى الغموض، وهذا التوازنُ الصعب لا يستطيعُهُ الكثيرون بل هو في متناول القليلين من المبدعين. إنّه الأسلوبُ السهلُ الممتنع.
وأخيرًا نسأل: لِمَن هذا الكتاب؟! من يجب أن يقرأَهُ؟ هو أوّلاً لَك يا عزيزي المراهق إقرأهُ تجدْ نفسك فيه، تسمعْ صوتَك وتأوهاتِك وتأفّفَك، إقرأهُ تجدْ حلولاً لمشاكلِك مع الحياة، انطلاقًا من الذات إلى الأهلِ والمجتمع!
هذا الكتاب أيضًا لكم جميعًا: يا آباءَ اليوم ويا آباءَ الغد، وهو لكُنّ جميعًا: يا أمّهاتِ اليوم ويا أمّهاتِ الغد
25
2015
كلمة الدّكتورة ناتالي الخوري
ندوة حول المجموعة القصصيّة”لم نعد صغارًا” للدكتورة مهى جرجور في 22 أيار 2015 في حرم كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة.
“لم نعد صغارًا”، عنوان متمرّد يحمل ضمنًا “صرنا كبارًا”،
يبدأ بنفي زمن الطفولة واللهو إثباتًا لزمن الوعي والنضج تمهيدًا لتحمّل المسؤوليّة، أن آن وقتُ الجدّ والتعب، وولّى زمن الطيش واللعب.
“لم نعد صغارًا”، مجموعة قَصَصيّة تتوجّه فيها الكاتبة إلى فئة المراهقين، تضيء على مشاكلهم وتحاول أن تعالجها، وقد وعت أنّ مكتبتنا العربيّة بحاجة إلى فلسفة تربويّة تقوم عليها أقاصيصُ أبنائنا، لما لها من دور فعّال في تثمين القيم والمثاليّة في عصر صارت تعتبر بالية ، بالإضافة إلى دورها في إغناء الذائقة الأدبيّة وصقلها عند المراهقين.
بدا واضحًا أنّ همّ المؤلّفة انصبّ على المنحى العلائقي والداخلي عند المراهق في ثلاثة اتجاهات، مع ذاته، مع أهله، مع زملائه. في محاولة الكاتبة رصدَ مسارِ التحوّلات التي يعانيها المراهقون آن إثبات وجودهم بالكيفيّة التي يرون إليها صائبة. من خلال عناوين كبرى لهذه المجموعة هي: حرفة المثابرة للنجاح، الدربة على مصالحة الذات، كونُها المفتاحَ الأساس لأيّ علاقة ناجحة، حتميّة ارتكاب الأخطاء للتعلم، التمرّد كحقّ طبيعي، وجود الأهل الدائم بجانب أبنائهم. طرق اكتشاف موهبة المراهق والعمل على تنميتها، مشروعيّةُ المنافسة، العمل الفريقي. التكنولوجيا وأثر مواقع التواصل الاجتماعي على علاقات الاصدقاء تشهيرًا أو دعمًا.
تحاول المؤلّفة بحسّ تربوي عال أن تقول أنّه ليس ثمّة ولدًا سيئا، بل ظروف تجعل الأبناءَ المراهقين يتصّرفون بطريقة سيئة وضرورة تعاون الثلاثي، الأهل، المدرسة، المراهقـ من أجل بناء غد أفضل.
ويبقى أنّ نقول إنّ منطلقات الكتابة في هذه المجموعة هي خبرة الأمومة ممزوجة بالنظريات في علم النفس والعمل التعليمي في المرحلة الابتدائية والمتوسطة…عايشت همومَهم وأفكارهم وأفلاهم الي يتابعونها وهواجسهم…